كما قال تعالى :
( ولو أنهم أقاموا التوراةَ والإنجيلَ وما أُنزلَ إليهم من ربهم لأَكلوا من فرقِهم ومن تحتِ أرجلهم ) [ المائدة : 66 ]
وقال سبحانه : (
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )
وإنما قوانينكم الوضعية هي التي تهدر ذلك كله وتضيعه ولا تحفظه وإن بقيتم مصرين على تحكيمها فسترون الحالقة بسببها وبسبب تعطيل أحكام الله ولن ينفعكم دعم رافضة إيران ولن يبقى لكم حتى بطيخكم وشمامكم الذي تفاخرون به !!
فإن محق البركات وفشو الفقر والأزمات الإقتصادية والآفات إنما يكون بسبب الحكم بغير ما أنزل الله وبسبب معاصي الله ..
كما جاء في الحديث
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( خَمْسٌ بِخَمْسٍ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا خَمْسٌ بِخَمْسٍ؟ قَالَ: مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ، وَمَا حَكَمُوا بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلا فَشَا فِيهِمُ الْفَقْرُ، وَلا ظَهَرَتْ فِيهِمُ الْفَاحِشَةُ إِلا فَشَا فِيهِمُ الْمَوْتُ، وَلا طفَّفُوا الْمِكْيَالَ إِلا مُنِعُوا النَّبَاتَ وَأُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَلا مَنَعُوا الزَّكَاةَ إِلا حُبِسَ عَنْهُمُ الْقَطْرُ. [ رواه الطبراني في المعجم الكبير ]
وقول الأسطل عن الحدود ( ولها مسقطات كثيرة ) تهويل يموه به على جهال ورعاع حماس ؛ أما عندنا فنعلم أن الأصل إقامة حكم الله في الأرض وإنفاذ حدوده ، وأن المسقطات المدعاة ليست كثيرة بل معدودة ونادرة تقدر بقدرها ومكانها .. وليس هي قطعا ما أنتم فيه من إسقاط حدود الشرع وتعطيلها كلها وتحكيم قوانين الكفر الوضعية الوضيعة ..
ـ أخيرا: قال المفتي الأسطل : (وبعد
: فإن تتبعَ الجزئياتِ، والإسهابَ في الردودِ عليها يطولُ، غيرَ أن المصيبةَ في أنأولئك الشبابَ لا يقيمون الوزنَ بالقسطِ) اهـ .
أقول : إن المصيبة فيكم أنتم أن قلوبكم قد طمست فما عدتم تعرفون معروفا ولا تنكرون منكرا ؛ حتى ما عدتم تميزون القسط من الباطل والظلم بل والكفر ؛ فموازينكم اختلت كلها لمّا جهلتم أصل الأصول وهو التوحيد ولم تستعملوه معيارا للقسط والميزان ولذلك صار الباطل عندكم قسطا ، والمنكر معروفا واستبدلتم توحيد الوطنيين بتوحيد المرسلين وأمسى الشرك عندكم ديمقراطية مقبولة والحكم بالقوانين حقا مستساغا يقتل لأجله بقائه وترسيخه كل مخالف ولو كان من خيار الموحدين ..
(فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)
ـ ثم قال الأسطل : ( إنما ينظرون إلى الجزءِ الفارغِ من الكأس،فلم يَضَعُوا إنجازاتِ الحكومةِ في كِفَّةٍ، وملاحظاتِهم – على فَرَضِ التسليمِ بها – في الكِفِّةِ الأخرى، فإذا ثَقُلَتْ موازينُها، وكان نفعُها أكبرَ من إثمِها فماعليهم إلا أن يدعموها، ويقفوا من ورائِها، )اهـ .
أقول : الجزء الملئان من الكأس لا يسمن ولا يغني من جوع إن كان مختلطا بالسم الزعاف ، أعني بذلك الشرك الصراح بتحكيمكم القوانين الوضعية وانتهاجكم الديمقراطية التشريعية ، فهو نفس النصف الملئان والمسموم في كافة دول المنطقة المحكومة بأحكام الطواغيت ..
وتأمل مكابرته ووصفه لملاحظات الموحدين وانتقاداتهم بقوله (– على فَرَضِ التسليمِ بها ـ ) فقد أعمى الله بصيرته عن رؤية باطل حكومته ، ومنعه الإنصاف من التسليم بها !! فأي خير يرتجى من مفتي هذا حاله ..؟!
وأما قوله : (فإذا ثَقُلَتْ موازينُها، وكان نفعُها أكبرَ من إثمِها فماعليهم إلا أن يدعموها، ويقفوا من ورائِها، )اهـ
أقول : ميزاننا ، ميزان التوحيد الحساس والمعصوم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يقول : أن الموازين تثقل بالتوحيد ، وكل شيء دون التوحيد فهو سراب وهباء منثور ..
قال تعالى عن أعمال من لم يحققوا التوحيد : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ )
وقال تعالى : (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا )
وحديث البطاقة المشهور (بطاقة التوحيد ) دليل على صحة هذا الميزان ودقة معياره وصدقه في الدنيا والآخرة ..
ولذلك ومادمتم قد اختل عندكم هذا الميزان وفرطتم به فلن تجدوا أحدا من أهل التوحيد وأنصاره يرفعون رأسا بقولك بعد ذلك : (فإذا ثَقُلَتْ موازينُها ...... فماعليهم إلا أن يدعموها، ويقفوا من ورائِها، )اهـ
إذ كيف يدعمون حكومة تحارب التوحيد وتقيم الشرك والتنديد ، وقد قدمنا لك وأعلمناك أن أعظم المصالح والمنافع هو التوحيد ؛ فكيف تثقل موازين حكومتكم وكيف يمكن أن يكون نفعها أكثر من إثمها وقد فرّطت بأصل الأصول وضيعت أعلى المصالح ونقضت أعظم أركان الإسلام .. ؟!
هذا ما تيسر لي أن أكتبه في هذه العجالة ردا على مفتي حماس ، والمتأمل لكلامه يعلم حاله وبطلانه ؛ ولكني كتبته نصرة لإخواننا الموحدين في غزة ، واستجابة لطلبهم وإلحاحهم ؛ وإلا فكتاباتنا في نقض الديمقراطية والقوانين الوضعية وشبهات أهلها وتهافت دعاتها وغير ذلك ؛ كله مردود عليه بالتفصيلفي مصنفاتنا القديمة وستجد فيها دحر شبهات هذا الأسطل وغيره بالتفصيل غير الممل إن شاء الله ؛فمن أراد الاستزادة فليرجع إليهافجميعها منشورة في منبر التوحيد والجهاد ، فهي شبهات قد اجتلناها وانتهينا منها ومن أمثالها منذ زمان ؛ ولا يزال هؤلاء الخوالف متخلفين يجترونها ويرسفون إلى اليوم في قيودها وآصارها ، فالحمد لله الذي عافانا مما هم فيه ، وهدانا إلى الحق والتوحيد ، فنسأله تعالى أن يمن علينا بالثبات عليه ، وأن يختم لنا بالشهادة في سبيله ، إنه مولانا نعم المولى ونعم النصير ..
وكتب
أبو محمد المقدسي
شعبان 1430
من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام[/b]